Skip to the content
Menu
زيارة الموقع

مدخل

قطعت بلادنا أشواطا كبيرة في سبيل توطيد المجتمع الديمقراطي القائم على المشاركة المواطنة والتعددية والحكامة الجيدة، في إطار مسار تراكمي، بدأ مع أول دستور للمملكة المغربية لسنة 1962 الذي أسس للديمقراطية التمثيلية، ووصولا إلى دستور 2011 الذي اعتمد الديمقراطية التشاركية وجعل منها مرتكزا أساسيا لنظامنا الدستوري وآلية فعالة لتعزيز الديمقراطية التمثيلية القائمة على الانتخاب. وذلك تفعيلا للتوجيهات الملكية السامية الواردة في خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش 30 يوليوز 2007 الذي جاء فيه: "... ومهما كانت مشروعية الديمقراطية النيابية التقليدية، فإننا نرى من الضروري استكمالها بالديمقراطية التشاركية العصرية. الأمر الذي يمكننا من الإستفادة من كل الخبرات، الوطنية والجهوية، والمجتمع المدني الفاعل، وكافة القوى الحية للأمة..." وتجاوبا مع الديناميات السياسية والمجتمعية ، والمبادرات المؤسساتية الوطنية التي دعت إلى تبني هذا الاختيار لاسيما توصيات اللجنة الاستشارية للجهوية الموسعة وتقرير الخمسينية.

وتحيل الديمقراطية التشاركية التي تبنتها بلادنا على مجموعة من الآليات الفعالة التي تمكن المواطنات والمواطنين من المشاركة والمساهمة في إعداد السياسات العمومية إلى جانب الفاعلين العموميين، وعلى شكل من أشكال المشاركة المواطنة في تدبير الشأن العمومي، كما أنها تمثل الضمانة الناجعة للتحمل الجماعي للمسؤوليات.

وقد تم إبداع شكل الديمقراطية التشاركية لتكميل وتعزيز الديمقراطية التمثيلية من أجل الإشراك الفعلي للمواطن في تدبير الشأن العام، بشكل مستمر، عبر مساهمته في القرارات العمومية في جميع مراحلها. وهكذا، بينت التجربة في العديد من بلدان العالم، أن المشاريع العمومية التي شارك فيها المواطن برأيه واقتراحاته قد تم تنفيذها بنجاح كبير.

وقد أفرز التطور الجديد الذي عرفته الديمقراطية في صيغتها الحالية آليات عملية تمكن المواطنات والمواطنين من التواصل الدائم مع ممثليهم خارج الفترة الانتخابية، وذلك من خلال قنوات فعالة كالعريضة الوطنية أو الجهوية والترابية، أو الملتمسات في مجال التشريع، أو هيئات التشاور العمومي.

وقد جاء دستور 29 يوليوز 2011 بمنظومة أحكام متكاملة، تأخذ بعين الاعتبار تعميم مجالات المشاركة المواطنة والمدنية لتشمل جميع مناحي الحياة، والتوازن بين البعدين الوطني والترابي. وفيما يلي ملخص لأهم هذه الأحكام الدستورية التي أطرت آليات  الديمقراطية التشاركية بالمغرب:

التصدير: "إن المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، تواصل بعزم مسيرة توطيد وتقوية مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة...".

الفصل 1: "نظام الحكم بالمغرب نظام ملكية دستورية، ديمقراطية برلمانية واجتماعية.يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط،و توازنها و تعاونها، و الديمقراطية المواطنة و التشاركية، و على مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة. تستند الأمة في حياتها العامة على ثوابت جامعة، تتمثل في الدين الاسلامي السمح، و الوحدة الوطنية متعددة الروافد، و الملكية الدستورية، و الاختيار الديمقراطي.

  الفقرة الثانية من الفصل 6: "تعمل السلطات العمومية على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين، والمساواة بينهم، ومن مشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية".

على المستوى الوطني:

الفقرة الثالثة من الفصل 12: "تساهم الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام والمنظمات غير الحكومية، في إطار الديمقراطية التشاركية، في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا في تفعيلها وتقييمها. وعلى هذه المؤسسات والسلطات تنظيم هذه المشاركة طبق شروط وكيفيات يحددها القانون".

الفصل 13: "تعمل السلطات العمومية على إحداث هيئات للتشاور، قصد إشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين، في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتقييمها".

الفصل 14: "للمواطنات والمواطنين، ضمن شروط وكيفيات يحددها قانون تنظيمي، الحق في تقديم ملتمسات في مجال التشريع".

الفصل 15: "للمواطنات والمواطنين، الحق في تقديم عرائض إلى السلطات العمومية. ويحدد قانون تنظيمي شروط، وكيفيات ممارسة هذا الحق".

على المستوى الجهوي والترابي:

الفصل 136: "يرتكز التنظيم الجهوي والترابي على مبادئ التدبير الحر، وعلى التعاون والتضامن؛ ويؤمن مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم، والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة".

 الفصل 139: "تضع مجالس الجهات، والجماعات الترابية الأخرى، آليات تشاركية للحوار والتشاور، لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها.

يمكن للمواطنات والمواطنين والجمعيات تقديم عرائض، الهدف منها مطالبة المجلس بإدراج نقطة تدخل في اختصاصه ضمن جدول أعماله".

الفصل 146: "تحدد بقانون تنظيمي بصفة خاصة: ... شروط تقديم العرائض المنصوص عليها في الفصل 139، من قبل المواطنات والمواطنين والجمعيات…".

وقد عملت وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان في إطار مقاربة تشاركية مع جميع الفاعلين، على بلورة استراتيجية واضحة ومتكاملة من أجل تنزيل هذه الأحكام الدستورية الهامة، استحضرت فيها تمكين بلادنا من مسالك قانونية ومؤسساتية كفيلة بضمان تفعيل جيد وجدي للديمقراطية التشاركية. وشمل هذا المسار الإطار القانوني للديمقراطية التشاركية على الصعيد الوطني من خلال إصدار القانون التنظيمي رقم 44.14 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية كما تم تعديله بموجب القانون التنظيمي رقم 70.21، والقانون التنظيمي رقم 64.14 بتحديد شروط وكيفيات تقديم الملتمسات في مجال التشريع كما تم تعديله بموجب القانون التنظيمي رقم 71.21، وكذا إصدار المرسوم رقم 2.16.773 بتحديد تأليف لجنة العرائض واختصاصاتها وكيفيات سيرها. وتم التنصيص في القوانين التنظيمية للجماعات الترابية 14-111 و14-112 و14-113 على الحق في تقديم العرائض من طرف المواطنات والمواطنين وجمعيات المجتمع المدني، وكذا إحداث آليات تشاركية للحوار والتشاور لدى المجالس المعنية.